الثلاثاء، 26 مايو 2009

حقيقة تراجع الإسلاميين!

صورة أحمد الديين من موقع الآن

حقيقة تراجع الإسلاميين!

تابعت بعد إعلان نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة ما كُتِب هنا وفي الخارج عن تراجع عدد مقاعد التيار الإسلامي في الكويت، التي وصفها البعض بأنّها ليست مجرد خسارة انتخابية، بل هي خسارة سياسية فادحة لهذا التيار تنبئ ببداية نهايته، خصوصاً أنّها ترافقت مع فوز أربع نائبات لأول مرة وما يحمله هذا الفوز المثير من دلالات حول حدوث تحوّل في توجه المجتمع الكويتي غير متوافق مع أطروحات التيار الإسلامي المتحفظة تجاه ترشح النساء وانتخابهن، بالإضافة إلى أنّ هناك مَنْ لاحظ من الكتّاب والمحللين خارج الكويت بأنّ الخسارة الانتخابية للتيار الإسلامي في الكويت قد سبقتها خسائر مماثلة للتيار الإسلامي في الانتخابات الأردنية فربط بينهما، وشبّه البعض خارج الكويت هذه الخسائر بأنّها دلالة على تراجع شعبية التيار الإسلامي في البلاد العربية وفقدانه لدوره التاريخي؛ مثلما سبق أن فَقَدَ قبله التيار القومي تلك الشعبية والدور في نهاية ستينيات القرن العشرين، وغير ذلك من استنتاجات متفائلة أو متشائمة حسب مواقف أصحابها!

بالتأكيد فقد مُني التيار الإسلامي في الكويت بخسارة انتخابية ملحوظة حيث تراجع عدد نوابه في مجلس الأمة الجديد، وبالتأكيد فإنّ هناك أسباباً وعوامل منها ما هو موضوعي ومنها ما هو ذاتي تسببت في هذه الخسارة، ولكني أظن أنّه من الخطأ؛ أو على أقل تقدير من المبكر جداً الحديث عن استنتاجات تتعدى الحسابات الانتخابية حول بداية نهاية التيار الإسلامي وفقدانه شعبيته السياسية ودوره التاريخي، وذلك لأكثر من سبب.

وأول هذه الأسباب أنّ الخسائر الانتخابية لم تقتصر على مرشحي التيار الإسلامي وحده، وإنما شملت مختلف التيارات السياسية من دون استثناء حيث تراجع عدد ممثليها في مجلس الأمة الجديد إلى النصف قياساً بعددهم في المجلس المنحلّ، مثلما تراجع كثيراً عما كان عليه في المجالس السابقة، وهذا أمر مؤسف ومؤشر سلبي يجب الالتفات إليه والتداول في أمره لما ينطوي عليه من خطورة تكريس للطابع الفردي للعملية الانتخابية وتراجع للطابع السياسي لها، وما يتبعه من تكريس للطابع الفردي في الممارسة النيابية والحياة السياسية... ولعلّ مثل هذه السلبية تعني العائلة السياسية الكويتية بأكملها وليس تنظيمات التيار الإسلامي وحده.

أما ثاني أسباب عدم دقة بعض الاستنتاجات المتسرعة حول بداية سقوط التيار الإسلامي، بما يتجاوز الحسابات الانتخابية، فيتمثّل في أنّ مرشحي التيار الإسلامي بمختلف توجهاتهم قد حازوا مراكز مهمة وأصوات كبيرة ووقع ترتيب معظمهم بين الحادي عشر والخامس عشر، أي ما يماثل ترتيب المركز الثالث في الانتخابات بنظام الدوائر الخمس والعشرين السابق، حيث نجد أنّ مرشح «التجمع الإسلامي السلفي» الدكتور محمد حسن الكندري في الدائرة الأولى قد حاز 6573 صوتاً وكان ترتيبه الحادي عشر، وأنّ مرشح «التحالف الإسلامي الوطني» أحمد لاري قد حاز المركز الثالث عشر بـ 6361 صوتاً... وفي الدائرة الثانية حصل المرشح غير الفائز «الحركة الدستورية الإسلامية» الدكتور حمد المطر، وهو مرشح جديد على 4583 صوتاً واحتل المركز الحادي عشر، وكذلك فقد حصل مرشح «التجمع الإسلامي السلفي» عبداللطيف العميري على المركز الثالث عشر بـ 4378 صوتاً... وفي الدائرة الثالثة كان ترتيب مرشحَي «الحركة الدستورية الإسلامية» عبدالعزيز الشايجي الحادي عشر وحصل على 6154 صوتاً، ومحمد الدلال الرابع عشر وحصل على 5408 أصوات... وفي الدائرة الرابعة احتل مرشح «الحركة السلفية» الدكتور حسين جليعب السعيدي المركز الثالث عشر وحصل على 6949 صوتاً، فيما كان ترتيب المرشح السلفي علي دخيل العنزي الرابع عشر وحصل على 6825 صوتاً، وكانت الفروق بين الفائز العاشر بالمقعد النيابي وهؤلاء المرشحين غير الفائزين لا تتجاوز بضعة عشرات أو مئات من الأصوات، وهي فروق بسيطة يمكن تعويضها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق